أخبار ومقالات

وسائل النقل المهيئة أمر بالغ الأهمية للنمو الاقتصادي

أفكار
آية آغابي
January 9, 2018

قبل بضعة أشهر، اتصل بي شخص من المملكة المتحدة يستخدم كرسي كهربائي متحرك وابدى رغبته بزيارة الأردن، وكان قد سمع عن مبادرتي من صديق له و خطر له ان بامكاني مساعدته. ومن أكبر مخاوفه كان العثور على وسائل النقل المهيئة لأن كرسيه المتحرك يزن حوالي ١٥٠ كيلوغرام ولا يمكن طيه ويحتاج لمركبة متخصصة مع منحدر (RAMP)  ليتمكن من الدخول والخروج من المركبة المتخصصة بسهولة. أمضينا شهرا في التواصل مع كل المؤسسات المتخصصه بذوي الإعاقة وكذلك بشكل فردي مع الأشخاص ذوي الإعاقة  في الأردن والاستفسار منهم إذا كانوا يعرفون أي شخص أو مكان قد يكون لديه وسيلة مهيئة يستطيع استخدامها أثناء رحلته وللأسف لم ننجح.  لم نجد سوى حافلة سياحية واحدة ولكن تكلفة استئجارها كانت مرتفعة جدا و لسوء الحظ، كان على الشخص إلغاء خططه للقدوم إلى الأردن. هذه التجربة لفتت نظري الى قضية رئيسية تواجه مجتمع الاعاقة في األأردن، وخاصة الأشخاص ذوي الاعاقات الجسدية، وهو عدم توفر وسائل النقل الميسرة والمهيئة لهم.

تجدر الاشارة الى انه في الاردن من الضروري ان يكون هناك لدى الفرد وسائل نقل عامة او خاصة للتنقل من مكان الى اخر، فما بالك بفئة الأشخاص ذوي الاعاقات الجسدية وخاصة اولئك الذين يجب عليهم استخدام الكراسي المتحركة الكهربائية و لا يستطيعوا نقل أنفسهم من والى المركبات العادية. ان هذا الحال ينطبق على شريحة معينة في المجتمع الأردني مِثل مرضى الشلل الدماغي و مرضى (ALS) و (MS) واولئك الذين يعانون من إصابات في النخاع الشوكي وغيره حيث ان هؤلاء وبسبب وضعهم الصحي لا يمكنهم الا استخدام الكراسي المتحركة الكهربائية وهي غير قابلة للطي ولا يمكن استخدامها في السيارات الصغيرة، لذلك فان هناك حاجه ملحه لتوفر المركبات المجهزة لهذه الحالات و من الصعب جدا على هذه الفئة الاعتماد على وسائل النقل العام أو شركات النقل مثل (اوبر) او (كريم) وغيرها، حيث لا تتوفر لديهم المركبات المهيأه لمستخدمي الكراسي الكهربائيه المتحركه. واما المهتمون بشراء هذه المركبات المهيئة، فيجب عليهم استيراد هذه المركبات من الخارج ويأملون ألا يضطروا إلى دفع مبالغ ضخمة كرسوم جمركية.

إن توفر وسائل النقل الميسر أمر أساسي لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من العيش بشكل مستقل والاندماج في مجتمعاتهم.

عندما كنت أعيش في كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، كان احد الأسباب الرئيسية التي مكنتني من العيش بشكل مستقل هو امتلاكي لسيارة مهيئه للكرسي المتحرك الكهربائي. وكان من المهم بالنسبة لي أن أمتلك هذه السيارة لأتمكن من العيش بشكل مستقل. ولأن الكرسي المتحرك الكهربائي الذي استخدمه لم يكن قابل للطي،  وبسبب اعاقتي الجسديه فلا يمكنني الدخول والخروج من السياره بالاعتماد على نفسي وبشكل مستقل، لذلك قمت بشراء سياره مخصصه ولها منحدر(RAMP). وبالإضافة إلى ذلك، فان جميع الحافلات العامة والقطارات هناك مهيئة أيضا للكراسي المتحركة مما سهل علي التنقل بشكل مستقل. فقد كنت قادرة على الذهاب إلى العمل و التواجد مع أصدقائي و كذلك الذهاب للتسوق وعيش حياتي بشكل مستقل.

2017-01-16-photo-00000564.jpg 2017-01-16-photo-00000565.jpg 2017-01-16-photo-00000566.jpg

 

عندما عدت إلى الأردن، فقدت الكثير من استقلاليتي لأنني اضطرت لاستخدام الكرسي المتحرك اليدوي الخاص بي لأنه لم يعد لديي السيارة التي تستوعب الكرسي الكهربائي المتحرك و بدأت بالاعتماد على افراد عائلتي بشكل رئيسي لانهم الوحيدون الذين يعرفون طريقه نقلي من و الى السيارة. و كذلك وجدت نقسي مضطرة للاعتماد على الناس لدفع الكرسي اليدوي. أنا واحدة من العديد من الناس في بلدي الأردن الذين يواجهون هذا التحدي يوميا.

ومن المهم الإشارة إلى أن الاستفادة من وسائل النقل الميسره لا تنحصر على الأشخاص ذوي الإعاقة فقط بل تشمل فئات اخرى مثل قئة كبارالسن والركاب الذين يصطحبون ألاطفال الصغار، والمسافرون الذين يحملون أمتعة ثقيلة، والنساء الحوامل و والاشخاص اصحاب الاصابات المؤقته حيث يمكنهم جميعا الاستفادة من وسائل النقل المهيئة بالاضافة الى ان ذلك يعود بالفائده على القطاعين الخاص والعام في الأردن.

إن عدم توفر وسائل النقل المهيأه يحرم عدد كبير من سكان العالم من زيارة الأردن. و من الممكن تعزیز السیاحة الأردنیة بشکل کبیر من خلال زیادة توافر وسائل النقل المهيئه في مختلف المواقع السیاحیة. فعلى سبيل المثال، يمكننا تشجيع المزيد من السياح لزيارة الأردن بتوفير عربات مهيئه للكراسي المتحركة في البتراء أو تهيئة حافلات سياحية التي توصل إلى مادبا وغيرها من المناطق السياحيه في انحاء البلاد.

 

ان زيادة توافر وسائل النقل المهيئه يؤدي إلى فوائد اجتماعية واقتصادية كبيرة في الأردن. ويمكن أن يؤدي إلى ازدياد النمو الاقتصادي بخلق فرص عمل اكبر للسكان مما يؤثر على انخفاض معدل البطاله وتحسين مستوى اداء الايدي العامله وزياده في التعليم والمساهمه في تحسين مشاركة القوى العامله. ومن شأن ذلك أن يحسن الإدماج الاجتماعي وأن يقلل من الوصمة المرتبطة بالإعاقة وأن يعيد تشكيل الآراء التمييزية والقولبة النمطية بشأن الإعاقة. وبالإضافة إلى ذلك، سيكون هناك دفعة ايجابيه في قطاع السياحة حيث سيتمكن المزيد من السياح التنقل في جميع أنحاء الأردن مما ينعكس بالتالي على نمو العمالة في الصناعات المنتجة للسلع والخدمات لقطاع السياحة مثل تجار الجملة أو الصناعة التحويلية.

لا يوجد تعليقات